كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> قال بعضهم‏:‏ الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع اللّه وقيل ترديد اسم المذكور بالقلب واللسان سواء في ذلك ذكر اللّه أو صفة من صفاته أو حكم من أحكامه أو فعل من أفعاله أو استدلال على شيء من ذلك أو دعاء أو ذكر رسله أو أنبيائه وما يقرب من اللّه من فعل أو سبب بنحو قراءة أو ذكر اسمه أو نحو ذلك، فالمتفقه ذاكر وكذا المفتي والمدرس والواعظ والمتفكر في عظمته تعالى والممتثل ما أمر اللّه به والمنتهي عما نهى عنه‏.‏

- ‏(‏د ك عن أبي هريرة‏)‏ قال في الأذكار والرياض‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

‏[‏ص 494‏]‏ 8087 - ‏(‏ما من قوم يذكرون اللّه‏)‏ أي يجتمعون لذكره بنحو تسبيح وتحميد وتهليل وتلاوة وعلم شرعي ‏(‏إلا حفت‏)‏ أي أحاطت ‏(‏بهم الملائكة‏)‏ يعني دارت حولهم ‏(‏وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة‏)‏ أي الوقار والخشية والذكر سبب لذلك ‏{‏ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب‏}‏ وفي المشارق‏:‏ السكينة شيء كالريح أو كالهواء أو خلق له وجه كوجه إنسان أو الرحمة أو الوقار ‏(‏وذكرهم اللّه فيمن عنده‏)‏ يعني في الملائكة المقربين فالمراد من العندية عندية المرتبة‏.‏ قال المظهر‏:‏ الباء للتعدية يعني يديرون أجنحتهم حول الذاكرين وقال الطيبي‏:‏ للاستعانة ككتبت بالقلم لأن حفهم الذي ينتهي إلى السماء إنما يستقيم بواسطة الأجنحة‏.‏ وفيه فضل مجالس الذكر والذاكرين والاجتماع عليه ومحبة الملائكة لبني آدم‏.‏

<تنبيه> قال في الحكم‏:‏ أكرمك ثلاث كرامات جعلك ذاكراً له ولولا فضله لم تكن أهلاً لجريان ذكره عليك وجعلك مذكوراً به إذ حقق نسبته إليك وجعلك مذكوراً عنده وتمم نعمته عليك‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏ه‏)‏ في ثواب التسبيح ‏(‏عن أبي هريرة وأبي سعيد‏)‏ الخدري ورواه أيضاً مسلم عنه بلفظ ما جلس قوم مجلساً يذكرون اللّه إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم اللّه فيمن عنده اهـ‏.‏

8088 - ‏(‏ما من قوم يظهر فيهم الربا‏)‏ أي يفشو بينهم ويصير متعارفاً غير منكر ‏(‏إلا أخذوا بالسنة‏)‏ أي الجدب والقحط قال الحرالي‏:‏ أكثر بلايا هذه الأمة حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع والانتقام بالسنين إنما هو من عمل الربا ‏(‏وما من قوم يظهر فيهم الرشا‏)‏ كذا بخط المصنف وفي نسخة الزنا ولا أصل لها في نسخته ‏(‏إلا أخذوا بالرعب‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ وفي هذا الحديث ما يقتضي أن الطاعون والوباء ينشأ عن ظهور الفواحش وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً لكن له شواهد منها عند الحاكم بسند قال ابن حجر‏:‏ جيد ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط اللّه عليهم الموت ولأحمد لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم أوشك أن يعمهم اللّه بعقاب‏.‏ وسنده حسن‏.‏

- ‏(‏حم عن عمرو بن العاص‏)‏ قال المنذري‏:‏ في إسناده نظر وقال الهيثمي‏:‏ وفيه من لم أعرفه وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ سنده ضعيف اهـ‏.‏ وذلك لأن فيه موسى بن داود قال الذهبي‏:‏ مجهول عن ابن لهيعة وقد مر حاله ومحمد بن راشد فإن كان المكحولي فقد قال النسائي‏:‏ غير قوي أو الشامي فقال الأزدي‏:‏ منكر‏.‏

8089 - ‏(‏ما من قوم يكون فيهم رجل صالح فيموت فيخلف فيهم مولود فيسمونه باسمه إلا خلفهم اللّه تعالى بالحسنى‏)‏‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين‏.‏

8090 - ‏(‏ما من ليل ولا نهار‏)‏ الذي وقفت عليه في مسند الشافعي ما من ساعة من ليل أو نهار ‏(‏إلا والسماء تمطر فيها يصرفه اللّه حيث يشاء‏)‏ من أرضه يعني أن المطر لا يزال ينزله اللّه من السماء لكنه يرسله إلى أين أراد من الأرض قال الرافعي‏:‏ وفيه أن السماء تمطر ليلاً ونهاراً واللّه يصرفه حيث يشاء من النواحي بحراً وبراً ثم يمكن أن يجري ‏[‏ص 495‏]‏ هذا على إطلاقه ويمكن حمله على الأوقات التي يعهد فيها المطر اهـ‏.‏ وعن ابن عباس ما من عام أقل مطراً من عام ولكن اللّه قسم ذلك بين عباده على ما شاء قال الكشاف‏:‏ وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر وقدره كل عام لأنه لا يختلف لكن تختلف فيه البلاد‏.‏

- ‏(‏الشافعي‏)‏ في مسنده قال‏:‏ أخبرنا من لا أتهم أخبرنا عمرو بن أبي عمرو عن ‏(‏المطلب‏)‏ ابن عبد اللّه ‏(‏بن حنطب‏)‏ بفتح المهملتين وسكون النون بينهما المخزومي تابعي صدوق كثير التدليس والإرسال روى عن أبي هريرة وعائشة فالحديث مرسل‏.‏

8091 - ‏(‏ما من مؤمن إلا وله بابان‏)‏ في السماء ‏(‏باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه‏)‏ تمامه فذلك قوله ‏{‏فما بكت عليهم السماء والأرض‏}‏‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في تفسيره الدخان وكذا أبو يعلى ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الترمذي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل ذكره مقروناً ببيان علته فإنه رواه من حديث موسى بن عبيدة عن يزيد الرقاشي عن أنس وقال‏:‏ غريب لا يعرف مرفوعاً إلا من هذا الوجه وموسى ويزيد ضعيفان، إلى هنا كلامه‏.‏

8092 - ‏(‏ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة‏)‏ أي يصبره عليها بما يأتي في خبر من عزى مصاباً ‏(‏إلا كساه اللّه من حلل الكرامة يوم القيامة‏)‏ فيه أن التعزية سنة مؤكدة وأنها لا تختص بالموت فإنه أطلق المصيبة وهي لا تختص به إلا أن يقال إنها إذا أطلقت إنما تنصرف إليه لكونه أعظم المصائب، والتعزية في الموت مندوبة قبل الدفن وبعده، وقال الشافعية‏:‏ ويدخل وقتها بالموت ويمتد ثلاثة أيام تقريباً بعد الدفن ويكره بعدها إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائباً‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ عن قيس بن أبي عمارة مولى الأنصار عن عبد اللّه بن أبي بكر عن أبيه عن جده ‏(‏عن عمرو بن حزم‏)‏ بفتح المهملة وسكون المعجمة الخزرجي أبي الضحاك واستعمل على نجران قال النووي في الأذكار‏:‏ إسناده حسن‏.‏

8093 - ‏(‏ما من مسلم يأخذ مضجعه‏)‏ من الليل ‏(‏يقرأ سورة من كتاب اللّه إلا وكل اللّه ملكاً يحفظه فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب‏)‏ من نومه ‏(‏متى هب‏)‏ أي إلى أن يستيقظ متى يستيقظ‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن شداد بن أوس‏)‏ رمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد قال النووي في الأذكار‏:‏ إسناده ضعيف هكذا جزم به وقال الصدر المناوي‏:‏ في سنده مجهول‏.‏

8094 - ‏(‏ما من مسلم يموت له‏)‏ خرج الكافر، قال ابن حجر‏:‏ فإن مات له أولاد ثم أسلم فظاهر الخبر لا يحصل له التلقي الآتي ‏(‏ثلاثة‏)‏ في رواية ثلاث وهو سابق لأن المميز محذوف وذكر هذا العدد لا يمنع حصول الثواب الآتي بأقل منها لأنا إن لم نقل بمفهوم العدد فظاهر وإن قلنا به فليس نصاً قاطعاً بل دلالته ضعيفة يقدم عليها غيرها عند معاوضتها وقد وقع في بعض طرق الحديث التصريح بالوارد عند الطبراني وغيره ‏(‏من الولد‏)‏ أي أولاد الصلب ‏(‏لم يبلغوا الحنث‏)‏ ‏[‏ص 496‏]‏ أي سن التكليف الذي يكتب فيه الإثم‏.‏ وفسر الحنث في رواية بالذنب وهو مجاز من تسمية المحل بالحال، وقضية الخبر أن من بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما يأتي وبه صرح جمع فارقين بأن حب الصغير أشد والشفقة عليه أعظم وقال آخرون‏:‏ البالغ أولى به لأنه إذا ثبت في الصغير مع أنه كلٌّ على أبويه فمن بلغ السعي أولى إذ التفجع عليه أشد وهو متجه لكن لا يلائمه قوله في رواية بفضل رحمته إياهم إذ الرحمة للصغير أكثر ‏(‏إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية‏)‏ زاد النسائي لا يأتي باباً من أبوابها إلا وجده عنده يسعى في فتحه ‏(‏من أيها شاء دخل‏)‏ ولموت الأولاد فوائد كونهن حجاباً عن النار كما في عدة أخبار ويثقلون الميزان ويشفعون في دخول الجنة ويسقون أصولهم يوم العطش الأكبر من شراب الجنة ويخففون الموت عن الوالدين لتذكر أفراطهم الماضين الذين كانوا لهم قرة أعين وغير ذلك‏.‏

<تنبيه> قال أبو البقاء‏:‏ من زائدة ومسلم مبتدأ ولم يبلغوا الحنث صفة للمبتدأ والخبر قوله إلا إلخ‏.‏

- ‏(‏حم ه عن عتبة‏)‏ بمثناة فوقية بعد المهملة ‏(‏ابن عبد‏)‏ بغير إضافة السلمي قال الذهبي‏:‏ له صحبة قال المنذري‏:‏ إسناده حسن ومن ثم رمز المصنف لحسنه‏.‏

8095 - ‏(‏ما من مسلم ينظر إلى امرأة‏)‏ أي أجنبية بدلالة السياق ‏(‏أول رمقة‏)‏ هذا لفظ رواية الطبراني ولفظ رواية أحمد ينظر إلى محاسن امرأة ‏(‏ثم يغض بصره‏)‏ عنها ‏(‏إلا أحدث اللّه تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه‏)‏ فإن الإنسان خلق مفتوح العين عمول اللحاظ ومن شأن عينه أن تطرف فإذا وقع بصره على شيء لم يؤاخذ لعدم العمل القلبي فإذا أعمل بصره بعد فإنه أعمله القلب فالأول مرفوع عنه والثاني مكلف به فلما وقع بصره على محاسنها وجب الغض فإذا امتثل الأمر فقد قمع نفسه عن شهوتها فجوزي بإعطائه نوراً وجد به حلاوة العبادة وذلك داع إلى ازدياد منها وكلما ازداد منها في هذه الدار ازداد رفعة في دار القرار‏.‏

- ‏(‏حم طب عن أبي أمامة‏)‏ وضعفه المنذري ولم يبين وبين الهيثمي فقال‏:‏ فيه علي بن زيد الألهاني وهو متروك‏.‏

8096 - ‏(‏ما من مسلم يزرع زرعاً‏)‏ أي مزروعاً ‏(‏أو يغرس غرساً‏)‏ بالفتح يعني مغروساً شجراً أو للتنويع لأن الزرع غير الغرس وخرج الكافر فلا يثاب في الآخرة على شيء مما سيجيء‏.‏ ونقل عياض فيه الإجماع وأما خبر ما من رجل وخبر ما من عبد فمحمول على ما هنا والمراد بالمسلم الجنس فيشمل المرأة ‏(‏فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة‏)‏ أي يجعل لزارعه وغارسه ثواب سواء تصدق بالمأكول أو لا‏.‏ قال المظهر‏:‏ والقصد أنه بأي سبب يؤكل مال الرجل يحصل له الثواب وقال الطيبي‏:‏ الرواية برفع صدقة على أن كان تامة ونكر مسلماً وأوقعه في سياق النفي وزاد من الاستغراقية وخص الغرس بالشجر وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية الإيمائية على أن أي مسلم كان حراً أم عبداً مطيعاً أو عاصياً يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه‏.‏ وفيه حث على اقتناء الضياع وفعله كثير من السلف خلافاً لمانعه ولا يعارضه الخبر الآتي لأنه محمول على الإكثار منها وميل القلب إليها حتى تفضي بصاحبها إلى الركون إلى الدنيا وأما اتخاذ الكفاية منها فغير قادح‏.‏ وفيه أن المتسبب في الخير له أجر العامل به، هبه من أعمال البر أو من مصالح الدنيا وذلك يتناول من غرس لنفقته أو عياله وإن لم ينو ثوابه ولا يختص بمباشرة الغرس أو الزرع بل يشمل من استأجر لعمله‏.‏

- ‏(‏حم ق ت عن أنس‏)‏ بن مالك، زاد‏:‏ وما سرق منه له صدقة‏.‏

‏[‏ص 497‏]‏ 8097 - ‏(‏ما من مسلم يصيبه أذى شوكة‏)‏ أي ألم جرح شوكة قال القاضي‏:‏ والشوكة هنا المرة من شاكه ولو أراد واحدة النبات لقال يشاك بها والدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمعافى ‏(‏فما فوقها إلا حط اللّه تعالى به سيئاته‏)‏ أي أسقطها ‏(‏كما تحط الشحرة ورقها‏)‏ يعني أنه يحط عنه سيئاته بما يصيبه من ألم الشوكة فضلاً عما هو أكبر منها قال ابن العربي‏:‏ وذكر الأذى عبارة عما يظهر على البدن من آثار الآلام الباطنة من نحو تغيير لون أو يصيبه من الأعراض الخارجة من نحو جرح‏.‏ وفيه أن الكافر لا يكون له ذلك وبشرى عظيمة لأن كل مسلم لا يخلو عن كونه متأذياً‏.‏

- ‏(‏ق عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت‏:‏ إنك لتوعك وعكاً شديداً فقال‏:‏ أجل ثم ذكره ورواه عنه أيضاً النسائي وغيره‏.‏

8098 - ‏(‏ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة‏)‏ أي منزلة عالية في الجنة ‏(‏ومحيت عنه بها خطيئة‏)‏ اقتصر فيما قبله على التكفير وذكر معه هنا رفع الدرجة والتنويع باعتبار المصائب فبعضها يترتب عليه مجرد الحط وبعضها يترتب عليه الرفع والبعض للكل وذا صريح في حصول الأجر على المصائب وعليه الجمهور ولكن خالف شرذمة منهم أبو عبيدة بن الجراح ووافقه ابن عبد السلام على حصول الأجر على الصبر لا على نفس المصيبة كما مر‏.‏

- ‏(‏م عن عائشة‏)‏ قال أبو الأسود‏:‏ دخل شاب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون فقال‏:‏ ما يضحككم قالوا‏:‏ فلان خر على طنب فسطاط فكادت عنقه أو عينه أن تذهب فذكرته‏.‏

8099 - ‏(‏ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب اللّه له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة‏)‏ وفي رواية لأبي داود أيضاً ما من مسلم يشيب شيبة إلا كان له نوراً يوم القيامة فيكره نتف الشيب لذلك ولأنه وقار لما رواه مالك إن أول من رأى الشيب إبراهيم فقال‏:‏ يا رب ما هذا قال‏:‏ وقار، قال‏:‏ زدني وقاراً‏.‏

- ‏(‏د عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص‏.‏

8100 - ‏(‏ما من مسلم يبيت على ذكر‏)‏ للّه تعالى من نحو قراءة وتكبير وتسبيح وتهليل وتحميد ‏(‏طاهراً‏)‏ عن الحدثين والخبث طهارة كاملة ولو بالتيمم بشرطه ‏(‏فيتعار‏)‏ بعين مهملة وراء مشددة يقال تعار إذا انتبه من نومه مع صوت أو بمعنى تمطى قال جمع‏:‏ والأول أنسب لأن الاستعمال فيه أخذ من عوار الظليم وهو صوته والمعنى فيهب من نومه ‏(‏من الليل‏)‏ أي وقت كان والثلث الأخير أرجى لذلك فمن خصه بالنصف الثاني فقد حجر واسعاً ‏(‏فيسأل اللّه خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه‏)‏ قال الطيبي‏:‏ عبر بقوله يتعار دون يهب أو يستيقظ ونحوهما لزيادة معنى أراد أن يخبر من هب من نومه ذاكراً للّه مع الهبوب فيسأل اللّه خيراً أنه يعطيه فأوجز فقال‏:‏ فيتعار ليجمع بين المعنيين وإنما يوجد ذلك عند من تعود الذكر فاستأنس به وغلب عليه حتى صار الذكر حديث نفسه في نومه ويقظته وصرح عليه الصلاة والسلام باللفظ وعرض بالمعنى وذلك من جوامع الكلم التي أوتيها وظاهر قوله يبيت أي أن ذا خاص بنوم الليل واشترط في ذلك المبيت على طهر لأن النوم عليه يقتضي عروج الروح وسجودها تحت ‏[‏ص 498‏]‏ العرش الذي هو مصدر المواهب فمن لم يبت على طهر لا يصل لذلك المقام الذي منه الفيض والإنعام وفي خبر البيهقي إن الأرواح يعرج بها في منامها فتؤمر بالسجود عند العرش فمن بات طاهراً سجد عند العرش ومن كان ليس بطاهر سجد بعيداً عنه وفيه ندب الوضوء للنوم‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأدب ‏(‏ه‏)‏ في الدعاء كلهم ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل رمز لحسنه ورواه عنه أيضاً النسائي في اليوم والليلة‏.‏

8101 - ‏(‏ما من مسلم كسا مسلماً ثوباً إلا كان في حفظ من اللّه تعالى ما دام عليه منه خرقة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ لم يقل في حفظ اللّه ليدل على نوع التفخيم، وشيوع هذا في الدنيا وأما في الآخرة فلا حصر ولا عد لثوابه وكلاءته واحتج به من فضل الغنى على الفقر قالوا‏:‏ لأن النفع والإحسان صفة اللّه وهو يحب من اتصف بشيء من صفاته فصفته الغني الجواد فيحب الغني الجواد‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في أبواب الحوض ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وقال‏:‏ حسن غريب رمز لحسنه ورواه عنه الحاكم وصححه قال الحافظ العراقي‏:‏ وفيه خالد بن طهمان ضعيف‏.‏

8102 - ‏(‏ما من مسلم تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه‏)‏ أي مدة صحبتهما له أي كونهما في عياله ونفقته وفي الأصول الصحيحة عقب قوله ما صحبتاه زيادة وهي أو صحبهما ولعلها سقطت من قلم المؤلف ‏(‏إلا أدخلتاه الجنة‏)‏ أي أدخله قيامه بالإحسان إليهما والإنفاق عليهما إياها‏.‏

- ‏(‏حم خد حب ك عن ابن عباس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وشنع عليه الذهبي بأن فيه شرحبيل ابن سعد وهو واه وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرج في شيء من الكتب الستة والأمر بخلافه بل خرجه ابن ماجه عن ابن عباس بهذا اللفظ وقال‏:‏ إسناده صحيح وقد عرفت ما فيه‏.‏

8103 - ‏(‏ما من مسلم يعمل ذنباً إلا وقفه الملك‏)‏ أي الحافظ الموكل بكتابة السيئات عليه ‏(‏ثلاث ساعات فإن استغفر‏)‏ اللّه تعالى ‏(‏من ذنبه‏)‏ أي طلب منه مغفرته ‏(‏لم يكتبه عليه ولم يعذب يوم القيامة‏)‏ وفي حديث إن كاتب اليمين هو الذي يأمره بالتوقف وأنه ست ساعات وأفهم تقييده بالمسلم أن الكافر لا يوقف له لأنه لا فائدة لاستغفاره مع بقاء الكفر ولا بد من تعذيبه يوم القيامة‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في التوبة ‏(‏عن أم عصمة‏)‏ القوضية امرأة من قيس قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي ورواه الطبراني عنها قال الهيثمي‏:‏ وفيه أبو مهدي سعيد بن سنان وهو متروك‏.‏

8104 - ‏(‏ما من مسلم يصاب في جسده إلا أمر اللّه تعالى الحفظة اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة من الخير ما كان يعمل ما دام محبوساً في وثاقي‏)‏ أي قيدي ولهذا قيل إن امرأة فتح الموصلي عثرت فانقلع ظفرها فعرجت فضحكت فقيل لها‏:‏ ما تجدين الوجع قالت‏:‏ لذة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة ألمه‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الجنائز ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

8105 - ‏(‏ما من مسلم يظلم مظلمة فيقاتل‏)‏ عليها من ظلمه ‏(‏فيقتل‏)‏ بسبب ذلك ‏(‏إلا قتل شهيداً‏)‏ فهو من شهداء الآخرة‏.‏

- ‏(‏حم ‏[‏ص 499‏]‏ عن ابن عمرو‏)‏ رمز لحسنه‏.‏

8106 - ‏(‏ما من مسلم يعود مريضاً‏)‏ زاد في رواية مسلماً ‏(‏لم يحضر أجله فيقول‏)‏ في دعائه ‏(‏سبع مرات أسأل اللّه العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي‏)‏ من مرضه ذلك‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الطب ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رمز لحسنه ورواه أيضاً أبو داود في الجنائز والنسائي في اليوم والليلة خلافاً لما يوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به عن الستة ثم إن المنذري أعله بيزيد بن عبد الرحمن الدالاني ضعفه ابن عدي وغيره لكن وثقه أو حاتم‏.‏

8107 - ‏(‏ما من مسلم‏)‏ لفظ رواية الحاكم ما من ملب ‏(‏يلبي إلا لبي ما‏)‏ وفي بعض النسخ من بدل ما ووجهه أنه لما أضاف التلبية إلى الأعيان الآتية جعل كأنها من جملة ذوي العقول فعبر بمن ذهاباً بها من حيز الجمادات إلى جملة ذوي العقول ليكون أدل على المعنى الذي أراده ذكره التوربشتي ‏(‏عن يمينه وشماله‏)‏ أي الملبي ‏(‏من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا‏)‏ أي من منتهى الأرض من جانب الشرق إلى منتهى الأرض من جانب الغرب يعني يوافقه في التلبية كل رطب ويابس في جميع الأرض‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ هذا حديث وإن لم يكن صحيح السند فإنه ممكن يشهد له الحديث الصحيح في المؤذن وفيه تفضيل لهذه الأمة لحرمة نبيها فإن اللّه أعطاه تسبيح الجماد والحيوان معها كما كانت تسبح مع داود عليه السلام وخص داود بالمنزلة العليا أنه كان يسمعها ويدعوها فتجيبه وتساعده‏.‏

- ‏(‏ت ه ك‏)‏ كلهم في الحج ‏(‏عن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي قال الصدر المناوي‏:‏ وفيه إسماعيل بن عياش وبقية رجاله موثوقون‏.‏

8108 - ‏(‏ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه اللّه تعالى فتنة القبر‏)‏ لأن من مات يومها أو ليلتها فقد انكشف له الغطاء لأن يومها لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار ما يعمل في سائر الأيام فإذا قبض فيه عبد كان دليلاً لسعادته وحسن مآبه لأن يوم الجمعة هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة فيميز اللّه بين أحبابه وأعدائه ويومهم الذي يدعوهم إلى زيارته في دار عدن وما قبض مؤمن في هذا اليوم الذي أفيض فيه من عظائم الرحمة ما لا يحصى إلا لكتبه له السعادة والسيادة فلذلك يقيه فتنة القبر‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ من حديث ربيعة بن يوسف ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الترمذي‏:‏ غريب وليس بمتصل ولا يعرف لربيعة سماعاً من ابن عمرو اهـ لكن وصله الطبراني فرواه من حديث ربيعة بن عياض عن عقبة بن ابن عمرو فذكره وهكذا أخرجه أبو يعلى والحكيم الترمذي متصلاً وخرجه أبو نعيم متصلاً من حديث جابر فلو عزاه المؤلف لهؤلاء كان أجود ومع ذلك ضعفه المنذري‏.‏

8109 - ‏(‏ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان‏)‏ ذكرين أو أنثيين ‏(‏إلا غفر لهما قبل أن يفترقا‏)‏ فيسن ذلك مؤكداً وقد مر هذا غير مرة قال النووي‏:‏ والمصافحة سنة مجمع عليها عند كل لقاء وما اعتيد بعد الصبح والعصر لا أصل له لكن لا بأس به ومن حرم نظره حرم مسه اهـ وأفهم اقتصاره على المصافحة أنه لا ينحني لصاحبه إذا لقيه ولا يلتزمه ولا يقبله كما يفعله الناس ‏[‏ص 500‏]‏ وقد ورد النهي عن ذلك صريحاً ففي حديث الترمذي عن أنس قال‏:‏ قال رجل يا رسول اللّه الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له‏؟‏ قال‏:‏ لا قال‏:‏ أفيلتزمه ويقبله قال‏:‏ لا قال‏:‏ فيأخذ بيده ويصافحه‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأدب ‏(‏ت‏)‏ في الاستئذان ‏(‏ه‏)‏ في الأدب ‏(‏والضياء‏)‏ في المختارة كلهم ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب قال الترمذي‏:‏ حسن غريب قال الصدر المناوي‏:‏ وفيه الأجلح يحيى بن عبد اللّه الكندي قال أحمد‏:‏ له مناكير وأبو حاتم‏:‏ كثير الخطأ لكن يكتب حديثه ولا يحتج به‏.‏

8110 - ‏(‏ما من مسلمين يموت لها‏)‏ في رواية بينهما ‏(‏ثلاثة من الولد لم يبلغوا حنثاً‏)‏ أي حداً كتب عليهم فيه الحنث وهو الإثم ‏(‏إلا أدخلهما اللّه الجنة‏)‏ أي ولم تمسهما النار إلا تحلة القسم كما في خبر آخر ‏(‏بفضل رحمته إياهم‏)‏ أي بفضل رحمة اللّه للأولاد ولا جائز أن يعود الضمير للأبوين في هذا التركيب وإن قيل به في غيره لما لا يخفى، وذكر العدد لا ينافي حصول ذلك بأقل منه فلا تناقض بين ذا وما في الصحيح من غير وجه قيل‏:‏ يا رسول اللّه واثنان قال‏:‏ واثنان وفي كثير من المسلمين من لم يقدم ولداً ولكنه سبحانه إذا فات عبداً فضل من جهة عوضه من أخرى خيراً له كما في خبر من لم يكن له فرط فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي‏.‏

- ‏(‏حم ن حب عن أبي ذر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عمرو بن عاصم الأنصاري لم أجد من وثقه ولا ضعفه وبقية رجاله رجال الصحيح وقضية كلام المصنف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه مع أن في البخاري من حديث أنس بخلف قليل ونصه ما من الناس يتوفى له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله اللّه الجنة بفضل رحمته إياهم‏.‏

8111 - ‏(‏ما من مصل إلا وملك عن يمينه وملك عن يساره فإن أتمها عرجا بها وإن لم يتمها‏)‏ بأن أخل ببعض أركانها وشروطها ‏(‏ضربا بها وجهه‏)‏ كناية عن خيبته وحرمانه فالصلاة المرجو قبولها ما كانت متوفرة الشروط والأركان مع الخشوع والخضوع ويتفاوت في ذلك الرتب فمن أعلاها ما حكاه المرسي عن شيخه قال‏:‏ صليت خلفه صلاة فشهدت ما أبهر عقلي شهدت بدن الشيخ والأنوار قد ملأته وانبثت الأنوار من وجوده حتى لم أستطع النظر إليه وذكر بعض العارفين أن صلاة الكاملين ستة صلاة الجسم وصلاة النفس وصلاة الصدر وصلاة القلب وصلاة الروح وصلاة السر فالأولى صورة الأركان المعروفة، الثانية أن يضم إليها الهيئات والأبعاض المشهورة، الثالثة أن يضم إليها الانشراح والانبساط والاستسلام لحقيقة الإسلام وتلقي وارداته وقبول وارداته فيتوجه إليها بنشاط ويرتل القراءة وويتدبر ما نطق به فيها من نحو تكبير وذكر وتحميد وتسبيح فلا يغفل في طريقه، الرابعة أن ينضم لذلك لزوم الأدب والتواضع والخشوع والخشية والتذلل ولزوم الخضوع وعدم الالتفات واحتقار النفس وقمع أوصاف الكبرياء والعجب والخيلاء وتفريغ القلب من السوى، الخامسة أن يضم إلى ذلك التأهب للمناجات والتفكر بعد التدبر في أسرار الآيات والتعرض للنفحات والرحمنيات والخروج من حضرة التعلقات بنيل الجزاء وتلقي الإفاضات بلطائف العلوم الكشفيات والفهوم الغيبيات والتنعم في رياض الجنان‏.‏ فيلبس حللاً رضوانيات ويشهد جمال حضرة الربوبية وتتمحض صفة العبودية، السادسة أن يضم لذلك دوام المراقبة والحضور للمشاهدة والمخاطبة فلا تلحقه غفلة ولا يتعلق بعلاقة روحانية ولا ملكوتية ولا جبروتية ولا جسمانية فعند ذلك تشرق الأنوار بسببه على المصلين معه فيكسون حلل أنوار جلال وهيبة وكمال‏.‏

- ‏(‏قط في الأفراد عن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏[‏ص 501‏]‏ وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه ببيان حاله فقال‏:‏ تفرد به عبد اللّه بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد الأنصاري ولم يروه عنه غير الوليد بن عطاء قال ابن الجوزي‏:‏ قال ابن الجنيد‏:‏ أما عبد العزيز فلا يساوي فلساً حدث بأحاديث كذب اهـ‏.‏

8112 - ‏(‏ما من مصيبة‏)‏ أي نازلة وأصلها الرمي بالسهم ثم استعيرت لما ذكر ‏(‏تصيب المسلم‏)‏ في رواية يصاب بها المسلم ‏(‏إلا كفر اللّه بها عنه‏)‏ ذنوبه أي محي خطيئاته بمقابلتها ‏(‏حتى الشوكة‏)‏ قال القاضي‏:‏ حتى إما ابتدائية الجملة بعدها خبرها أو عاطفة ‏(‏يشاكها‏)‏ فيه ضمير المسلم أقيم مقام فاعله وها ضمير الشوكة أي حتى الشوكة يشاك المسلم بتلك الشوكة أي يجرح بشوكة والشوكة هنا المرة من شاكه ولو أراد واحدة النبات قال يشاك بها والدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمصائب اهـ‏.‏ وقد استشكل ابن بطال هذا بقوله في الخبر الآخر ما أدري الحدود كفارة لها أو لا‏.‏ وأجيب بأن الثاني كان قبل علمه بأن الحدود كفارة لها ثم علم‏.‏

- ‏(‏حم ق عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ طرق رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وجع فجعل يتقلب على فراشه ويشتكي فقلت‏:‏ لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه قال‏:‏ إن الصالحين يشدد عليهم ثم ذكره‏.‏

8113 - ‏(‏ما من ميت‏)‏ قال الطيبي‏:‏ ما نافية ومن زائدة لاستغراق الجنس وميت مطلق محمول على الميت في قوله ما من رجل مسلم ‏(‏يصلي عليه أمة‏)‏ أي جماعة ‏(‏من الناس‏)‏ المسلمين ‏(‏إلا شفعوا فيه‏)‏ بالبناء للمجهول أي قبلت شفاعتهم فيه‏.‏

- ‏(‏ن عن ميمونة‏)‏ بنت الحارث أم المؤمنين رمز المصنف لحسنه‏.‏

8114 - ‏(‏ما من نبي يمرض إلا خير‏)‏ أي خيره اللّه تعالى ‏(‏بين الدنيا والآخرة‏)‏ أي بين الإقامة في الدنيا والرحلة إلى الآخرة ليكون وفادته على اللّه وفادة محب مخلص مبادر، ولتقاصر المؤمن عن يقين النبي صلى اللّه عليه وسلم تولى اللّه الخيرة في لقائه لأنه وليه‏:‏ ألا ترى إلى خبر ‏"‏ما ترددت في شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن‏"‏ ففي ضمن ذلك اختيار اللّه للمؤمن لقاءه لأنه وليه يختار له فيما لا يصل إليه إدراكه، ذكره كله الحرالي، ولأجل ما ذكر من التخيير لطم موسى ملك الموت لما جاءه لكونه لم يخير قبل ذلك‏.‏

- ‏(‏ه عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

8115 - ‏(‏ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحاً‏)‏ قال البيهقي‏:‏ أي فيصيرون كسائر الأحياء يكونون حيث ينزلهم اللّه تعالى وفي رواية لا يتركون في قبورهم إلا بقدر أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي اللّه تعالى حتى ينفخ في الصور اهـ‏.‏ ثم ظاهر صنيع المصنف أن ما ذكره هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني ‏"‏حتى ترد إليه روحه، ومررت ليلة أسري بي بموسى وهو قائم يصلي في قبره‏"‏ اهـ بنصه، ولك أن تقول ما وجه الجمع بين هذا وخبر أبي يعلى وغيره بسند صحيح كما قال الهيثمي مرفوعاً إن موسى نقل يوسف من قبره بمصر‏.‏

- ‏(‏طب حل‏)‏ وكذا ابن حبان عن الحسن بن سفيان عن هشام بن خالد الأزرق عن الحسن بن يحيى الخشني عن سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن أبي مالك ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ثم قال ابن حبان‏:‏ باطل والخشني منكر الحديث جداً يروي عن الثقات ما لا أصل له اهـ‏.‏ وفي الميزان عن الدارقطني‏:‏ الخشني متروك ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضع الحديث ونازعه ابن حجر بأن البيهقي ألف جزءاً في حياة الأنبياء في قبورهم أورد فيه عدة أخبار قوية والمؤلف بان له شواهد ترقيه إلى درجة الحسن‏.‏

‏[‏ص 502‏]‏ 8116 - ‏(‏ما من يوم‏)‏ ما بمعنى ليس ويوم اسمها ومن زائدة ‏(‏إلا يقسم فيه‏)‏ بالبناء للمفعول أي يقسم الملائكة بأمر ربهم ‏(‏مثاقيل من بركات الجنة في الفرات‏)‏ أي نهر الفرات المشهور يحتمل أن هذه المثاقيل على سبيل التمثيل والتخبيل ويحتمل أن تجسد البركة ويوزن منها ‏{‏واللّه على كل شيء قدير‏}‏ وفيه فضل عظيم للفرات على غيره من الأنهار‏.‏

- ‏(‏ابن مردويه‏)‏ في التفسير ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وفيه الربيع بن بدر قال في الميزان‏:‏ ضعفه أبو داود وغيره وقال ابن عدي‏:‏ عامة رواياته لا يتابع عليها ثم ساق له هذا الخبر وقال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح فيه الربيع يروي عن الثقات المقلوبات وعن الضعفاء الموضوعات‏.‏

8117 - ‏(‏ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه‏)‏ لما فاته من خيور كثيرة جعل البطن وعاء كالأوعية التي تتخذ ظروفاً توهيناً لشأنه ثم جعله شر الأوعية لأنها تستعمل في غير ما هي له والبطن خلق لأن يتقوم به الصلب بالطعام وامتلاؤه يفضي إلى فساد الدين والدنيا فيكون شراً منها، ووجه تحقق ثبوت الوصف في المفضل عليه أن ملء الأوعية لا يخلو عن طمع أو حرص في الدنيا وكلاهما شر على الفاعل والشبع يوقع في مداحض فيزيغ صاحبه عن الحق ويغلب عليه الكسل فيمنعه من التعبد ويكثر فيه مواد الفضول فيكثر غضبه وشهوته ويزيد حرصه فيوقعه في طلب ما زاد على الحاجة، قال بعضهم‏:‏ الشبع نهر في النفس يرده الشيطان والجوع نهر في الروح ترده الملائكة ‏(‏بحسب ابن آدم‏)‏ أي يكفيه ‏(‏أكلات‏)‏ بفتح الهمزة والكاف جمع أكلة بالضم وهي اللقمة أي يكفيه هذا القدر في سد الرمق وإمساك القوة ولهذا قال ‏(‏يقمن صلبه‏)‏ أي ظهره تسمية للكل باسم جزئه إذ كل شيء من الظهر فيه فقار فهو صلب كناية عن أنه لا يتجاوز ما يحفظه من السقوط ويتقوى به على الطاعة وفي رواية بدل أكلات لقيمات قال الغزالي‏:‏ وهذه الصيغة في الجميع للقلة فهو لما دون العشرة ‏(‏فإن كان لا محالة‏)‏ من التجاوز عما ذكر فلتكن أثلاثاً ‏(‏فثلث‏)‏ يجعله ‏(‏لطعامه‏)‏ أي مأكوله ‏(‏وثلث‏)‏ يجعله ‏(‏لشرابه‏)‏ أي مشروبه ‏(‏وثلث‏)‏ يدعه ‏(‏لنفسه‏)‏ بالتحريك يعني أن يبقى من ملئه قدر الثلث ليتمكن من التنفس ويحصل له نوع صفاء ورقة وهذا غاية ما اختير للأكل وهو أنفعها للبدن والقلب فإن البطن إذا امتلأ طعاماً ضاق عن الشراب فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض للكرب والثقل ولما كان في الإنسان ثلاثة أجزاء أرضي ومائي وهوائي قسم طعامه وشرابه ونفسه إلى الأجزاء الثلاثة وترك الناري لقول جمع من الأطباء ليس في البدن جزء ناري ذكره ابن القيم وقال القرطبي‏:‏ ولو سمع بقراط هذه القسمة لعجب من هذه الحكمة وقال الغزالي‏:‏ ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة فقال‏:‏ ما سمعت كلاماً في قلة الأكل أحكم منه وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنها أسباب حياة الحيوان‏.‏

<تنبيه> قال ابن عربي‏:‏ الجوع قسمان جوع اختيار وهو جوع السالكين وجوع اضطرار وهو جوع المحققين فإن المحقق لا يجوع نفسه بل يقلل أكله إن كان في مقام الأنس وإن كان في مقام الهيبة كثر أكله فكثرة الأكل للمحققين دليل على صحة سطوات أنوار الحقيقة على قلوبهم بحال العظمة من مشهودهم وقلة الأكل دليل على صحة المحادثة بحال المؤانسة من مشهودهم وكثرة الأكل للسالكين دليل على بعدهم من اللّه وبعدهم عن بابه واستيلاء النفس الشهوانية البهيمية بسلطانها عليهم وقلة الأكل لهم دليل على نفحات الجود الإلهي على قلوبهم فيشغلهم ذلك عن تدبير جسومهم والجوع بكل حال سبب داخل للسالك والمحقق إلى نيل عظيم الأحوال للسالكين والأسرار للمحققين ما لم يفرط بضجر من الجائع فإن إفراطه يؤدي إلى الهوس وذهاب العقل وفساد المزاج فلا سبيل للسالك أن يجوع الجوع المطلوب لنيل الأحوال إلا عن أمر شيخ أما وحده فلا، لكن يتعين عليه تقليل الطعام وإدامة الصيام ولزوم أكلة واحدة بين الليل والنهار وأن يغب بالإدام الدسم فلا يأتدم في الجمعة إلا مرتين حتى يجد شيخاً فيسلم أمره إليه ليدبر حاله‏.‏

- ‏(‏حم ن‏)‏ في الزهد ‏(‏ه‏)‏ في الأطعمة ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن المقدام بن معد يكرب‏)‏ سكت عليه أبو داود فقال ‏[‏ص 503‏]‏ الحاكم‏:‏ هو صحيح ورواه عنه أيضاً النسائي وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ حديث حسن‏.‏

8118 - ‏(‏ما نحل‏)‏ وفي رواية للعسكري ما ورث ‏(‏والد ولده‏)‏ وفي رواية ولداً أي ما أعطاه عطية ‏(‏أفضل من أدب حسن‏)‏ أي من تعليمه ذلك ومن تأديبه بنحو توبيخ وتهديد وضرب على فعل الحسن وتجنب القبيح أي لا يعطي ولده عطية أفضل من تعليمه الأدب الحسن وهذا مما يتوجه على الآباء من بر الأولاد قال تعالى‏:‏ ‏{‏قوا أنفسكم وأهليكم ناراً‏}‏ فأهم الآداب أدبه مع اللّه باطناً بآداب الإيمان كالتعظيم والحياء والتوكل وظاهراً لمحافظة الحدود والحقوق والتخلق بأخلاق الإسلام وآدابه مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في متابعة سننه في كل صغير وكبير وجليل وحقير ثم أدبه في صحبة القرآن بالانقياد له على غاية التعظيم ثم يتعلم علوم الدين ففيها ميع الآداب ثم أدبه مع الخلق بنحو مداراة ورفق ومواساة واحتمال وغير ذلك وثواب الأدب في تعليم الولد بقدر شأن ما علم‏.‏